قسم المقالات واللقاءات الثقافية

أكذوبة الزمن الجميل

نقلنا مصطلح “الزمن الجميل” من الإعلام المصري، دون تمحيص أو تنقيح، وحين نقول “الزمن الجميل” فإننا نقصد على وجه التقريب الفترة الزمنية ما بين الخمسينيات إلى السبعينيات الميلادية.

فهل هو فعلاً زمن جميل؟

وبناءً على ماذا أطلق عليه هذا الاسم؟ وما نسبة الجمال فيه بالقياس إلى البؤس والقبح

 

الفجوة التكنولوجية والحضارية والتنموية والاقتصادية بين ذلك الزمن وبين اليوم كفيلة بدحض هذا الرأي، البيوت صغيرة جداً ومبنية من الطين، لا مكيفات، لا جوالات، لا إنترنت، لا تلفزيون، لا جرائد، لا مطاعم ولا مجمعات تجارية.. الخ.

إضافة إلى أن النظافة معدومة، وعمر الإنسان أقصر بحكم الأمراض وانعدام التطعيمات الأساسية.

ومجالات الترفيه محدودة، في أقصى حد يمتلك بعض الناس خصوصاً من لديه بحبوحة مالية راديو أو “بشتختة” وفي مرحلة متأخرة دخل التلفزيون الأسود والأبيض. فعن أي زمن جميل يتحدثون؟

 

في اعتقادي الشخصي عندما يتحدث كبار السن من آبائنا وأجدادنا عن جمال الزمن القديم في نظرهم فهم يقصدون جمال ذلك الزمن من الناحية الاجتماعية فقط.

أي أن ذلك الزمن جميل اجتماعياً لا مادياً أو تكنولوجياً أو تنموياً.. وذلك يعود إلى قوة العلاقات الاجتماعية خصوصاً بين الجيران.

الحسد والحقد أقل حدة، النفوس صافية، التعاون والتكافل طاغ بين الجيران وبين الناس بشكل عام، اللحمة الاجتماعية أقوى. وهذا صحيح..

ولكن ما السبب؟

 

لو قارنا المجتمع السعودي قبل ستين سنة وبين اليوم على المستوى الاجتماعي سنجد فروقات جوهرية سببها العامل الاقتصادي بالدرجة الأولى، حيث كان له الدور الأكبر في تغيير المجتمع السعودي اجتماعياً خلال العقود الستة الماضية. العلاقات الاجتماعية كانت أقوى لأن الغالبية العظمى من المجتمع كانوا متساوين اقتصادياً.

الفروقات الاقتصادية بين الشريحة الأعظم من الناس غير واضحة وليست ضخمة، بيتك مبني من الطين وبيتي مبني من الطين، عندك قاري وعندي قاري، تعمل في الفلاحة وأنا أعمل في الفلاحة.

 

أما اليوم فإن الفرق بين زمننا الحالي وبين ذلك الزمان كبير جداً من جميع النواحي التقنية والاقتصادية، ومن الناحية الخدمية أيضاً، وعليه نجدد السؤال: عن أي زمن جميل يتحدثون؟!

 

 

 

نقلاً عن / صحيفة الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى