قصة الكبش الذي تحول بقدرة قادر إلى كلب
يقال أن رجلا اشترى كبشا سمينا أملح أكحل من سوق الأغنام وأخذ يقتاده حينا ويدفعه في أحيان أخرى متوجها به نحو البيت وكان ذلك الرجل مسرورا بكبشه السمين الخالي من العيوب لا سيما وأن سعره مناسب إلى حد كبير !!
فرآه أربعة من الأذكياء الذين لا يمتلكون ثمنا لشراء كبش مماثل أو أنهم فقراء!! فلما رأوا الكبش أعجبوا به وسال لعابهم ، فتشاوروا في حيلة ذكية – وما أكثر الحيل – يتخلى بسببها صاحب الكبش عن كبشه طواعية بلا اتهام لهم بالسرقة أو الغصب أو الاعتداء على حقوق الآخرين !!
فاتفق هؤلاء الأربعة على أن يجلسوا للرجل وكبشه على الطريق في أماكن متفرقة بحيث يكون بين كل محتال وصاحبه مسافة معقولة تبعد عن صاحب الكبش ظن التواطؤ على الحيلة والغش !!
وأجمعوا على أن يحاولوا إقناع صاحب الكبش بأن ما يظنه كبشا أليفا إنما هو كلب عقور !! وأنه لغفلته وجهله ظن ما ظن!! ورأوا أن ذلك الرجل ( صاحب الكبش ) إذا أخبره الأول أو الثاني بهذا ولم يقتنع فقد يقتنع عند الثالث أو الرابع فنفذوا الخطة وسبقوه متمركزين في مواضع على جانبي الطريق
فلما مر صاحب الكبش على المحتال الأول ألقى عليه السلام فقال المحتال : لا عليكم السلام ولا رحمة الله ولا بركاته … فاندهش الرجل اندهاشا كبيرا وسأل ذلك المحتال – بغضب – عن سبب عدم رده للسلام ؟!
فقال المحتال : كيف أرد السلام على من يقتني الكلاب ويسوقها إلى بيته ألا يعلم حديث النبي (ص) في النهي عن اقتناء الكلاب ؟! فقال الرجل : لكن هذا كبش وليس كلبا ؟! قال المحتال : بل هو كلب عقور وأسأل الناس !!
فضحك صاحب الكبش من هذا المحتال وقال في نفسه : مجنون من المجانين أو مزاح من المهرجين ، لكن المفاجأة الأخرى أن صاحب الكبش وصل إلى المحتال الثاني فقال له ذلك المحتال : إن لله وإن إليه راجعون !! فقال صاحب الكبش : ماذا بك ؟! قال المحتال : تقود كلبا لتؤذي به الجيران وتخيف به الصبيان وتغضب به الرحمن ؟!
فكاد صاحب الكبش أن يصعق لهذا الاتفاق الغريب بين الأقوال ثم جعل يؤكد للمحتال الثاني أن هذا كبش وليس كلبا وطلب منه أن ينظر إلى قرونه وإلى مؤخرته وإلى الفرو والآذان والأرجل
لكن ذلك المحتال لم يقتنع فما كان من صاحب الكبش إلا أن واصل مسيره لكن الظنون قد ساورته قليلا واعتراه شيء من الشك فلما وصل إلى المحتال الثالث .. قال المحتال : الذي يراك يظنك عاقلا والذي يرى قيادتك لهذا الكلب يظن بك الظنون !! ثم أخذ يسأله ماذا يريد من هذا الكلب النجس ؟!
فنظر إليه صاحب الكبش مذهولا وأخذ يقسم له بالله العظيم أن هذا كبش وأنه اشتراه من سوق الأغنام التي في طرف المدينة والتي يعرفها الجميع وأخذ يذكر له الدليل تلو الدليل لكن المحتال قال له : ومن يصدقك أن هذا كبش ؟! هل الناس كلهم أغبياء وأنت الذكي الوحيد ؟! هل وجدت أحدا قبلي أيدك أن هذا كبش ؟!
فشك صاحب الكبش في نفسه وكاد أن يطلق لكبشه العنان ليذهب حيث ألقت رحلها أم قشعم !! وبدأ عليه الإعياء والإرهاق النفسي لكنه تماسك وواصل المسيرة على أمل أن يجد أحدا يخالف هؤلاء الثلاثة
فلما رأى رابعهم من بعيد سرى الخوف إلى نفسه من أن يوافق ذلك الرابع ثلاثتهم وساوره بعض الرجاء أن يخالفهم فلما اقترب منه أخذ المحتال الرابع يضحك كثيرا ويضرب صدره بيده ويقفز 00 فلما سأله صاحب الكبش عن سبب ضحكه وتعجبه اقترب منه المحتال وأخذ يبين له بشفقة ونصح ظاهره البراءة ( أن هذا الذي معه ليس كبشا ولا تيسا ولا ثورا وإنما هو كلب ) ثم أخذ يبين له حكم الشرع وعادات العرب في اقتناء الكلاب ومتى يجوز ذلك شرعا وعقلا وذوقا وعادة ثم أردف بأن الناس ( سيشكون في عقلك وهدفك إذا رأوك تقود هذا الكلب !! )
عندئذ أيقن صاحب الكبش أنه مسحور أو مجنون وقام بقطع الحبل من عنق الكبش وتركه وتوجه إلى بيته لا يلوي على شيء ولا يدري كيف اقتنع بشراء هذا الكلب وكيف اقتنع أنه كبش فلا يعقل أن يكون هؤلاء على باطل وهو الوحيد المحق !!
أما المحتالون الأربعة فقد اجتمعوا وذبحوا الكبش واستمتعوا بشحمه ولحمه!! وباعوا جلده وفروه00 وهكذا استطاعوا أن ينحروا الكبش ويحرموا صاحبه منه بلا كبير عناء ولا تهمه اختلاس أو سرقة أو غصب 000 وإنما بتواطؤ ساذج على قلب الحقائق ساعدهم على نجاح هذا التواطؤ غباء صاحب الكبش وسذاجته أيضا
الحكمة من القصة :
لا يعني كثرة المؤدين لحقيقة ما ، أنهم على حق فربما هناك مصالح يهدفون من خلالها لقلب الحقائق ونحر الحقيقة .